كنت عائدا من صلاة العيد فرأيت الأطفال مع آبائهم والبسمة تعلو محياهم فتذكرت أولئك الأطفال في كل مكان من ديار المسلمين المنكوبة وكيف عيدهم؟
وتخيلت عندما يخرج الطفل مع أبيه فتخطفه المنون .… هذه الأبيات على لسان رجل مسلم كان ذاهبا مع ابنه ( هشام ) لصلاة العيد فأتت رصاصة طائشة قتلت الطفل فأخذ أبوه عند احتضاره يقول :
بقلبي حسرة وبه ضرام .. .. .. .. وفي شفتي يحتضر الكلامُ
أسير وفي الطريق كلاب بغيٍ .. .. .. .. وفي الآفاق يحتد الظلام
وأُسرع خطوتي لصلاة عيدٍ .. .. .. .. يرافقني لها ولدي هشام
أرى بين الطلول هناك علجا .. .. .. .. تُرى أَلَهُ بنا يبدو مرام
أشاح بوجهه هيمان يمشي .. .. .. .. خبيثا لا تفارقه المُـدام
وأطلق حقده في كل جرءٍ .. .. .. .. وولى الوغد يخفيه القتام
نظرت فلم أجد ولدي بقربي .. .. .. .. إلهي هل دنى منه الحمام
إلهي !! إنه ولدي وحيدي .. .. .. .. لأيامي أيا ربي قَوام
فناداني يودعني بجسم .. .. .. .. عليه من الرصاص بدا وسام
أيا ولدي فديتك يوم بؤس.. .. .. .. وما عندي سواك فهل ألام
فديتك يا حبيب القلب إني .. .. .. ليعصر قلبي الحزن اللُّهام
غدوت معي بثوب العيد تمشي ........وفي عينيك للفرح ارتسام
إذا ما قلتُ هيا قلتَ مهلا .. .. .. .. أودع لعبتي ولك ابتسام
مضينا والرصاص له هدير .. .. .. .. وفي الثكنات يختبيء اللئام
وتسألني وتنظر في ذهول .. .. .. .. لماذا يهجر العيدَ السلام
لماذا يا أبي تبدو كئيبا .. .. .. .. لأنت الفارس الشهم الهمام
فديتك يا بني بأي عيد .. .. .. .. أسرُّ وشعبنا خسفا يُسام
ألست ترى الضحايا بين قتل .. .. .. .. وتشريد وقد عز الطعام
ألست ترى المساكن قد تهاوت .. .. .. .. على السكان لم تُرعَ الذمام
فتسألني …وأمتنا أليست .. .. .. .. بقبضتها من المجد الزمام
وفي قرآنها من كل سقم .. .. .. .. شفاء أم هو الموت الزؤام
فهل سارت بعزم أم تراها .. .. .. .. على الأمجاد يا أبتي تنام
بني لقد نكأت جراح قلبي .. .. .. .. فليت حديث أمتنا جَمام
بنفسي ذلك الماضي لقوم .. .. .. .. تعز به الجزيرة والشام
وتشدو في العراق طيور سعد .. .. .. .. ويمطر عند هارون الغمام
أتى الإسلام يا ولدي فولّت .. .. .. .. عهود الجهل وانكشف الظلام
وأشرقت البطاح وعز قوم .. .. .. .. على الإسلام منهجهم يقام
أيا ولدي نزفت دما زكيا.. .. .. .. وإني ما أقلتني العظام
لثمتك والدموع تسيل نهرا .. .. .. .. وللأنفاس في صدري زحام
وأغمضت الجفون تقول صبرا.. .. .. .. أيا أبتي فقد جاء الحِمام
مررت بهذه الدنيا سريعا .. .. .. .. كما مروا على الأم الكرام
وداعا يا بني وإن قلبي .. .. .. .. من الحسرات تنهشه سهام
وما أنا قائل إن جئت أمّا .. .. .. .. كفاها ما يريد بها السُّقام
وقد كانت مع الجارات تبكي.. .. .. .. كم يبكي طلولا مستهام
فكيف إذا رأت جثمان طفل .. .. .. .. كبدر لم يزايله التمام
تناسى قومنا أنا جميعا .. .. .. .. على الإسلام يجمعنا الوئام
فما أصغوا لشكوانا ولكن .. .. .. .. نراهم أغمضوا جفنا وناموا
يمر العمر والأيام تجري .. .. .. .. ويهجر عيد أمتنا السلام
ألا يا أمتي الغراء هبي .. .. .. .. جهادًا فهو للدين السنام
إذا أنذرت قوما من عدو .. .. .. .. فما اكترثوا فقد حُلبت صرام
حُلبت صرام : مثل عربي قديم معناه " بلغ العذر آخره" أي أخليت المسؤلية.