قالوا: المرأة نصف المجتمع، ونقول إنها أصل المجتمع؛ فبصلاحها يصلح المجتمع، وبفسادها يفسد كذلك، فهي صانعة الأجيال، أو هكذا ينبغي أن تكون.
وهي شريكة الرجل على درب الحياة، تقاسمه همومه وشجونه، وآماله وآلامه، وأفراحه وأتراحه، فإذا كان هذه شأنها فإننا لا نرضى لها أن تكون عنصراً سلبياً إستهلاكياً منفعلاً، بل مقامها أرفع من هذا وأجَلُّ.
والحديث عن المرأة في رمضان حديث مهم ومثير؛ أما وجه أهميته فينبع من كون المرأة تشكل عنصراًَ مهماً وفاعلاً ضمن تركيبة أعضاء المجتمع، وأما وجه إثارته فلما نراه من مظاهر على المرأة خلال هذا الشهر الكريم نجلُّها أن تضع نفسها فيها.
وانطلاقاً من تحذير رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عندما قال: (رَغِمَ أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ منه ولم يُغفر له) رواه أحمد و الترمذي ، أي لصق أنفه بالتراب، وهو كناية عن حصول الذُّل.
نقول انطلاقاً من هذا الحديث النبوي، سيدور حديثنا مع الأخوات الكريمات، حول بعض السلوكيات والمواقف، المشاهدة عند بعضهن، خلال هذا الشهر الكريم، فنقول:
إن الصيام فريضة من فرائض الإسلام، ومناسبة للتقرب إلى الله بالطاعة والعبادة، وفرصة لمراجعة النفس ومكاشفتها. وإذا كان الشأن كذلك فلا يليق بكِ أن تجعلي من هذه الشهر شهر كسل وخمول ودَعَةٍ، وَلْتَعْلَمي - أختي الكريمة - أن هذا الشهر المبارك قد كانت فيه أحدث مهمة غيرت وجه التاريخ، ففضلاًَ عن نزول القرآن، كانت فيه غزوة بدر، التي انتصر فيها الحق على الباطل؛ وتمَّ فيه فتح مكة، وكانت فيه انتصارات حطين وعين جالوت، وغير ذلك من الفتوحات التي امتنَّ الله بها على المؤمنين، فهو بحق شهر الجهاد والعمل، لا شهر القعود والكسل، كما يظن البعض.
وإذا كان الأمر على ما وصفنا، فحريٌّ بك أن تنفضي عنك غبار النوم والكسل، وإياك أن تجعلي ليلك نهاراً ونهارك ليلاً، كما يفعل كثير من المسلمين اليوم، يمضون نهار الصوم نياماً، ويمضون ليالي رمضان فيما لا يسمن ولا يغني من جوع.
أَلأَجْلِ هذا شُرع الصيام؟ أم بهذا تتحقق الحكمة من الصوم؟ وما فائدة الصيام إذا أمضيتِ نصف يومك أو يزيد وأنت في فراشك لا تبرحينه؟! بل ماذا تبقَّى من يومك تقدمينه بين يدي ربك؟ أَوَ ليس في هذا الفعل قلب للسنن الإلهية؟! أَوَلم يقل جل من قائل: {وجعلنا الليل لباسا * وجعلنا النهار معاشاً} (النبأ:10-11) فما لنا عن سنن الله معرضين، وعن الآخرة غافلين.